في خطوة استراتيجية تؤكد التوجه السيادي للمملكة نحو بناء فضاء رقمي مؤمن، تم الإعلان عن تفعيل منظومة الهوية الرقمية الوطنية الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني وربطها بالولوج إلى خدمات إلكترونية حيوية، من بينها بوابة Damancom التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
هذه الخطوة تندرج ضمن رؤية أشمل لتعزيز الأمن القومي الرقمي للمملكة، عبر جعل الأمن الوطني لاعبا محوريا في حماية المواطن والبيانات والمؤسسات داخل المجال السيبراني.
من الأمن الميداني إلى الأمن الرقمي
تطور مفهوم الأمن في المغرب بشكل متسارع، متجاوزا المفهوم الكلاسيكي القائم على ضبط النظام العام، إلى شمولية حديثة تجعل من المديرية العامة للأمن الوطني مؤسسة متعددة المهام، تشمل ما هو فيزيائي ومعلوماتي على حد سواء فقد انتقل الأمن الوطني من محاربة الجريمة في الشارع إلى التصدي للجرائم السيبرانية، ومن مراقبة الهويات الورقية إلى تطوير نظام هوية رقمية بيومترية يعد من الأكثر تقدما في إفريقيا والعالم العربي.
الهوية الرقمية: قفل سيبراني وطني
الهوية الرقمية الجديدة، التي أصبحت مفتاح الولوج إلى خدمات الدولة الرقمية، تم تطويرها من طرف المديرية العامة للأمن الوطني وفق معايير أمان دقيقة، تعتمد على الربط المباشر ببطاقة التعريف البيومترية، مما يجعل انتحال الهوية شبه مستحيل، ويمنح المستخدمين والمصالح الحكومية مستوى غير مسبوق من التحقق والتوثيق إلى جانب ذلك، توفر الهوية الرقمية شفافية في استخدام الخدمات، وحماية للمعطيات الشخصية، وتتوافق مع القوانين الوطنية مثل قانون 09.08، مما يكرس البعد القانوني للحماية الرقمية.
جهاز سيبراني متقدم بقيادة استراتيجية
وراء هذه القفزات التكنولوجية، يبرز الدور الريادي للمدير العام للأمن الوطني، السيد عبد اللطيف حموشي، الذي قاد خلال السنوات الأخيرة ثورة هادئة في بنية الجهاز، حيث دمج التكنولوجيا بالأمن، وأرسى أسس جهاز سيبراني مغربي متطور يواكب المعايير الدولية.
هذا الجهاز يضم:
- مراكز تحليل وصد الهجمات السيبرانية.
- مختبرات رقمية جنائية لتفكيك الفيروسات والتطبيقات الضارة.
- وحدات للرصد الاستباقي للهجمات عبر الإنترنت.
- كفاءات وطنية عالية التكوين، في تفاعل مباشر مع باقي الوكالات السيبرانية العالمية.
مغربية في قلب الأمن السيبراني العالمي
تتويجا لهذه الدينامية، حظيت الدكتورة عميدة الشرطة الإقليمي ليلى الزوين “رئيسة مصلحة مكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة بالمديرية العامة للأمن الوطني” مؤخرا بثقة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، حيث تم تعيينها نائبة لرئيس خبراء الأمن السيبراني بالأنتربول، في سابقة مشرفة تُبرز كفاءة العنصر المغربي في أعلى المحافل الدولية ويُعد هذا التعيين اعترافًا بقدرات المؤسسة الأمنية في التصدي للتهديدات الرقمية، وبنجاعة النموذج الأمني المغربي الذي يجمع بين الاحتراف الميداني والتفوق التكنولوجي.
نحو فضاء رقمي سيادي وآمن
الربط بين بوابة Damancom والهوية الرقمية ليس سوى اللبنة الأولى في مشروع أوسع، يروم توحيد بوابات الدولة وتسهيل الولوج إليها بطريقة آمنة، تشمل:
- الضرائب.
- الضمان الاجتماعي.
- الحالة المدنية.
- الخدمات البنكية والتصويت الإلكتروني مستقبلًا.
إنها رؤية طموحة لمغرب رقمي، يحفظ سيادته الرقمية، ويبعد مواطنيه عن مخاطر التسرب المعلوماتي والهجمات المعقدة.
الأمن الوطني هو خط الدفاع السيبراني الأول
في زمن تتقاطع فيه التهديدات الكلاسيكية مع الهجمات السيبرانية، لم تعد حماية الحدود وحدها كافية بل أصبحت حماية الشبكات، البنى التحتية الرقمية، والهوية الإلكترونية، واجبًا أمنياً بالدرجة الأولى ومع هذه الخطوة الرائدة، يتضح أن المديرية العامة للأمن الوطني ليست فقط مؤسسة أمن ميداني، بل جهاز شامل للأمن القومي المغربي، قادر على مواكبة التحديات التكنولوجية، وضمان الأمن في زمن الذكاء الاصطناعي والرقمنة الشاملة.